تطور وسائط النقل

كانت الطرق منذ القديم من أهم العناصر فعالية في حياة الإنسان ونشاطه الحياتي والمعيشي.

فالطرق عندما تصل بين المراكز البشرية تسهل عملية تبادل الأفكار فيما بينها، إضافة إلى تبادل المنتجات الاقتصادية وبالتالي الطريق يفيض  بنور الحياة على طرفيه.

فمن محطات صغيرة لتموين القوافل ببعض حاجاتها من ماء وطعام، إلى مراكز بشرية تتطور لتصبح مدناً هامة.

و الطرق التي تمر عليها القوافل هي أقدم الطرق البرية، حيث كانت تمتد مسافات شاسعة بعيدة مخترقة الشعاب الجبلية والأودية والصحارى وخير مثال على ذلك طريق الحرير القديم، أما وسائط النقل فقد اعتمدت على  حيوانات الجر والركوب المعروفة.

بقيت القوافل وقوامها الجمل الوسيلة الوحيدة للنقل والانتقال في بر الشام حتى منتصف القرن التاسع عشر وقد ضمت القافلة دليلا بدوياً وعدداً من الحراس المسلحين؛ يمثلون العشائر التي تمر القافلة في أراضيها.

وكانت القوافل المتنقلة  بين دمشق والمدن السورية والعربية تستغرق زمناً طويلاً فمثلا كانت مدة مسير القافلة بين:

  • دمشق وبيروت….  أربعة أيام
  • دمشق ويافا …….عشرة أيام
  • دمشق والقاهرة… عشرين يوماً
  • دمشق وبغداد….. ثلاثين يوماً

وجاء الحكم العثماني الذي استمر من 1516-1918 م والذي أخضع البلاد العربية إلى حكمه وسخر الطاقات البشرية وموارد البلاد الاقتصادية في حروب خارجية وخدمة السلاطين واستمر حكم العثمانيين قرابة أربعمائة عام . وفي عهدهم تم تقسيم بلاد الشام إلى ولايات عدة وهذا التقسيم تمَّ  على الشكل التالي :
ولاية جبل حوران : مركزها بصرى وأهم مدنها صلخد .
 ولاية سهل بثينة : ومركزها درعا .
 ولاية عجلون .
 ولاية الجولان .
 ولاية الجيدور : ومركزها نوى .
 ولاية ازرع : ومركزها ازرع .
وكانت مناطق حوران ترتبط مع بعضها بطرق فرعية وترتبط مع المناطق الشمالية والجنوبية بطريق رئيسة تسمى / طريق البريد / الذي يمتد من دمشق إلى الأردن وفلسطين ومصر مروراً بالكسوة – غباغب – الصنمين – طفس – درعا – أربد – غزة…..مصر . أما طريق الحج فكان في بصرى والشيخ سعد و المزيريب . في منتصف القرن السابع عشر دخلت  قبائل العترة المهاجرة من شبه الجزيرة العربية إلى حوران وبلاد الشام وفي القرن الثامن عشر تدخل قبائل الولد علي حوران وبلاد الشام مهاجرة أيضاً من شبه الجزيرة العربية وفي عام1840 م تحارب مع حوران ضد الأتراك بوقوفها إلى جانب إبراهيم باشا بن محمد علي والي مصر أثناء حملته على بلاد الشام في محاولة لطرد العثمانيين .
وفي بدايات القرن العشرين مدت السلطات العثمانية الخط الحديدي الحجازي القادم من دمشق إلى درعا متفرعا منه خط إلى بصرى الشام وآخر إلى الحمة وحيفا غربا وجنوبا إلى عمان والحجازفالمدينة المنورة .
في 10 حزيران عام 1916 م انطلقت الثورة العربية الكبرى من الحجاز بمكة بقيادة الشريف حسين وأبنائه وقد انخرط أبناء حوران في صفوف الثورة العربية للمساعدة على طرد الأتراك وتحرير البلاد الذي تم بتتويج الملك فيصل ملكاً على سورية .
إن ما يميز فترة الحكم العثماني هو بناء القلاع والمساجد و التكيات والخانات ومحطات القطار حيث تتواجد الحامية العثمانية \ المسمية- المزيريب – بصرى الشام – الشيخ مسكين – درعا ….الخ \ ومعظم مباني المحطات لا تزال قائمة في كل مدينة أو قرية تمر ُّبها  سكة الخط الحديدي الحجازي وبقيت مراكز الحج تنطلق من درعا و المزيريب والشيخ مسكين ونوى .

كانت الإدارة العثمانية ممثلة بحكومة الولاية عاجزة في معظم الأحيان عن حماية القوافل وتنبهت الدولة حينها إلى أهمية المواصلات فأنشأت شبكة ربطت مدن الولاية بطرق وخطوط حديدية كانت الغاية منها إحكام السيطرة على الولايات والمدن وتقوية الحكم المركزي والقضاء على الثورات بالإضافة إلى الاستغلال الاقتصادي , وبدأت الدولة بعدها بمنح امتيازات مد الخطوط الحديدية.

ويعتبر خط سكة حديد الحجاز من أهم إنجازات السلطان العثماني عبد الحميد الثاني و قد أنشأه لخدمة حجاج بيت الله الحرام وكذلك لدعم حركة الجامعة الإسلامية التي ظهرت في تلك الفترة , و قدرت كلفته بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية, حيث بوشر بالعمل في بناء خط سكة حديد الحجاز عام 1900م من منطقة مزيريب في جنوب الشام, وأعتمد في مساره على طريق الحج البري ثم قررت الحكومة العثمانية إيصال الخط إلى دمشق عبر مدينة درعا وصولاً إلى المدينة المنورة, حيث استطاع حجاج الشام والأناضول قطع المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة في ثلاثة أيام فقط ,  بدلاً من أربعين يوماً.

استمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة ما يقرب من تسع سنوات استفاد من خلالها الحجاج والتجار، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى ظهرت أهمية الخط

وخطورته العسكرية على بريطانيا فعندما تراجعت القوات العثمانية أمام الحملات البريطانية،

كان الخط الحجازي عاملاً هامًا في ثبات العثمانيين جنوب فلسطين لمدة  عامين في وجه

القوات البريطانية المتفوقة عُدَّة وعدد ,  ونظراً لاستخدام الخط الحجازي في بعض الأغراض

العسكرية العثمانية، فقد تعرض خط سكة حديد الحجاز إلى كثير من الأضرار والتخريب

خلال الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين وفي عام 1917 انضم الجاسوس الانكليزي المعروف بـ( لورنس العرب )  إلى الثوار العرب فحرضهم على نسف الخط, ومنذ ذلك الحين لم تفلح المحاولات لإعادة تشغيل الخط أو تحديثه.

لخط سكة حديد الحجاز إلى المدينة المنورة أهمية بالنسبة لمصر والحجاج المصريين من

خلال استفادتهم من خط سكة حديد حيفاالقاهرة، الذي أنشأه العثمانيون حيث سهَّل لهم أيضاً الحج والزيارة إلى الديار المقدسة .

تمرير للأعلى